[EMAD321]

لو أن أحدا يلاحظ ما مر به قطاع النقل الجوي والطيران مع بداية الألفية الثانية، لانتابه شعور بالدهشة مما مر به ولا يزال يمر به هذا القطاع الحيوي بالذات. فمع بداية عام 2000 لم يكد قطاع الطيران يخرج من أزمة حتى يقع في أخرى، وبعيدا عن الإرهاب والكوارث الجوية، شكل ظهور الأوبئة والأمراض الحديثة هاجسا رهيبا لهذا الجانب، حيث تعرف الحركة الجوية بأنها لا تعرف التوقف ولا تهدأ حركتها أبدا، حتى مع الظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها العالم أجمع. ومع ظهور وباء أنفلونزا الخنازير، وقبله جنون البقر وسارس وأنفلونزا الطيور، بات هذا القطاع مهددا بالتوقف تماما للحد من انتشار الأوبئة والأمراض المستعصية التي باتت تهدد البشرية. فما هو تأثير الطيران في سرعة انتشار الأمراض؟ وهل توقف الحركة الجوية يمكن أن يحد من انتشارها؟ ،،

السفر جوا مطلب أساسي في هذه الحقبة من الزمن، والعالم يعتمد اليوم على النقل الجوي في التداولات اليومية المختلفة والطيران يكسب صاحبه عنصر استثمار الزمن، واختصار الوقت يعني الإنجاز والسبق، ولكن للطيران ضريبة يدفعها البشر كما له من فوائد، وهو تأثيره في سرعة انتقال الأمراض كما البشر، ولهذا لا بد من وقفة مع تأثير الطيران على انتقال الأمراض، ففي عصر بات السفر فيه متاحاً لجميع المستويات من الناس عبر شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة Low Cost، ومع دخول الطائرات القياسية ذات المدى البعيد، ما عادت أبعد المدن بمنأى عن التعرض لخطر الأوبئة والأمراض.

كابينة الطائرة
مع ازدياد معدل المسافرين جوا يوما بعد يوم، أصبحت احتمالات انتقال الأمراض المعدية أثناء السفر بالطائرات أكبر من السابق، حيث منحت الطائرات للميكروبات والأوبئة والجراثيم وسيلة انتشار أسرع بين أصقاع الأرض، وفي غضون ساعات قليلة. لكن يجادل بعض المختصين بهذا المجال حول مدى خطورة انتقال الأمراض والأوبئة في الطائرة من شخص لآخر، ليؤكدوا أنه خطر بسيط، ويعود السبب في ذلك إلى الجودة المرتفعة لنوعية الهواء على متن طائرات الركاب، والتي ترقى في الكثير من الأحيان إلى مستويات أعلى من ناحية النقاء والنظافة من المستويات المعتادة لجودة الهواء في العديد من المباني السكنية والتجارية. وفي طائرة بوينغ الجديدة تم اعتماد نظام تهوية وتكييف متطور وعالي الكفاءة، فعلى سبيل المثال ستتميز طائرة بوينغ 787 بنظام تكييف للهواء مستقل بذاته يعمل بالاعتماد على خلايا الوقود وليس كما هو معتاد في الطائرات الحالية، عبر دورة الهواء المستنزف من المحركات Bleed Air، الأمر الذي سيجعل من الهواء أكثر نقاوة ونظافة، بل ان المرشحات التي زودت بها تزيد من نقاوة ورطوبة الهواء فتقلل من أعراض معتادة عند السفر جوا كاحمرار العين وجفاف البلعوم والصداع والدوار، لكن يشكك البعض هنا حول مدى تأثير درجة الرطوبة العالية فيها على توفير وسيط مناسب لبقاء الأوبئة والفيروسات حية.

وضع الأسس
بعد أن دخلت الطائرة مضمار النقل العام للبشر، متفوقة على السفن والقطارات بأشواط، فان تحركا دوليا صار ضروريا لوضع أسس للحد من انتشار واحتواء الأوبئة المعدية والأمراض الناتجة عن النقل الجوي، فكانت المعاهدة الأولى في عام 1924، بواسطة طيران «بان اميركان» في هافانا بكوبا آنذاك، لتتبعها الاتفاقية الدولية العالمية للصحة والحد من انتشار الأمراض المعدية في عام 1933وتم التوقيع عليها في هولندا، وتوالت التحديثات والإضافات بتلك الاتفاقية مع تطور وانتشار الطيران بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى وقتنا الحالي، وتم فرض ضرورة التطعيم ضد أمراض معدية كالحمى الصفراء والكوليرا وغيرها قبل السفر من والى مناطق معينة في العالم كضرورة لمنع انتشار العدوى عالمياً.

احتمالية الإصابة لا يستهان بها
تخيل انك مواطن بدولة اسكندنافية باردة وجوها نظيف، وفجأة ترتفع درجة حرارتك وتتدهور صحتك وبعد معاينة الطبيب لك تكتشف انك مصاب بالملاريا، والسبب في إصابتك بهذا المرض الذي يتواجد في الدول ذات الجو المداري والاستوائي الدافئ، يرجع إلى انتقاله عبر الطائرة بواسطة بعوضة ولجت من مطار دولة شرق آسيوية أثناء صعود الركاب إلى الطائرة هناك، وسافرت معهم إلى هذه الدولة الاسكندنافية وخرجت مع الركاب بالمطار، وصادف أن لدغتك وأنت تودع احد أقربائك هناك. نعم هذا وارد فما بين عام 1969 و1999 رصدت 89 حالة إصابة بالملاريا بمطارات لأناس لم يسافروا قط من بلدانهم، بل أصيبوا نتيجة للسيناريو نفسه المذكور أعلاه خلال تواجدهم بالمطارات هناك، لتوديع أقربائهم، ولا ننسى إن الركاب أيضا معرضون للإصابة.

مكافحة القوارض والحشرات على متن الطائرات
لأن كبائن الطائرات تعد مكانا حساسا، فان نوعية معينة من المبيدات الحشرية والطاردة للقوارض تم تطويرها خصيصا كي لا تؤثر في فرش كبائن الطائرات، ولا تسبب التلوث والأعراض الضارة للركاب، فهي تكون سريعة الجفاف والامتصاص بالفرش فور رشها وغير قابلة للاشتعال أو تساعد في ذلك، وكان قبل ذلك يتم استخدام الدخان الناتج عن مواد سامة لطرد وقتل تلك الحشرات والقوارض، لكن تلك العملية المكلفة والتي تستدعي عزل الطائرة في موقع بعيد ومعزول على ارض المطار لتطبيقها تمت الاستعاضة عنها بوسائل وإجراءات مكافحة أكثر كفاءة منها مثل التي تم ذكرها.

دور وسائل الإعلام
الجهل بأمراض الطيران يرجع لقصور وسائل الإعلام بالناقلات والمكاتب السياحية، فمن واجب شركات الطيران وحتى مكاتب السياحة والسفر الإرشاد والتوضيح لطبيعة تلك الأمراض، حتى يكون المسافرون جوا على دراية ووعي بها وهذا من حقهم، وكذلك لا بد من تفعيل دور المراكز الصحية بالمطارات ومنحها مزيدا من الصلاحيات والإمكانيات.

نظرية رياضية لحساب حركة المسافرين
قد تحد من انتشار الأمراض

قام فريق من العلماء الألمان والاميركيين بتطوير برنامج بالكمبيوتر لتحديد حركة المسافرين قد يساعد في المستقبل على الحد من انتشار الأوبئة مثل أنفلونزا الطيور وسارس، وذلك عبر التنبؤ بها مسبقا. وتتلخص الفكرة في اعتماد نظرية رياضية (تستند إلى علم الرياضيات) تهدف إلى حساب حركة المسافرين من خلال معرفة وتحديد الوقت والمكان اللذين قد يلعبان دورا أساسيا في الحد من انتشار الأمراض أو الأوبئة واحتوائها في الوقت المناسب.

منقول

[حسونه]

مشكور اخي على نقل الخبر

[EMAD321]

حسونه
شكرا عزيزي على مرورك .... تقبل تحياتي