تحفة فنية من القرن الثامن عشر وسط ساحة الكونكورد وعلى بعد أمتار من جادة الشانزيليزيه
في شارع ريفولي ـ عند الدائرة الاولى ـ ومقابل حدائق تويلوري، يقع فندق «موريس» التابع لمجموعة دورشستر، ويعتبر واحداً من اعرق واقدم فنادق العاصمة الفرنسية.
تعود قصته الى 1771 عندما أدرك اوغستان موريس ـ مسؤول البريد في «كاليه» ـ ان السياح البريطانيين الذين يزورون العاصمة الفرنسية، يتطلعون الى ايجاد رفاهية وراحة في باريس كتلك التي يتمتعون بها في بلادهم.و لتلبية تطلعاتهم، افتتح في العام 1771 اوبرج (فندق صغير) في منطقة «كاليه» خارج العاصمة الفرنسية.وفيما بعد افتتح فندقاً في 223 من شارع سانت ـ هونوري في قلب العاصمة.
ولمسافري العصر آنذاك، قدّم فندق «لوموريس» (نسبة الى اسم صاحبه) كل الرفاهية التي من الممكن ان ينعم بها اي مسافر.و قيل حينها: «ما من فندق في باريس يستطيع تقديم اكثر ما يقدّمه لوموريس». ونتيجة الاصداء الايجابية التي حصدها الفندق على مدار سنوات، انتقل في العام 1835 الى شارع ريفولي مقابل قصر تويلوري (موقعه الحالي) ليحطّ ضمن بناء جديد وضخم في احد ارقى شوارع العاصمة ووسط موقع استراتيجي، جعله وسط ساحة الكونكورد وعلى بعد امتار من جادة الشانزيليزيه.
لطالما استقطب الفندق، صفوة نخبة المجتمع الفرنسي والاوروبي على حدّ سواء، من حكام وارستقراطيين وكتّاب وفنانين، الذين كانوا يبدون اعجابهم بالخدمة الممتازة ورفاهية غرف وصالونات الفندق.
شعار الفندق هو «الخاص جداً اوتيل موريس»، وهو لم يطلق اعتباطياً،الخصوصية تميز كل ركن في الفندق ولا سيما الغرف، وعددها 160 غرفة، اذ تختلف الواحدة عن الاخرى من حيث التصميم والاثاث. فغرف الطابق الاول يغلب عليها طراز لويس السادس عشر، من حيث الوان الابيض والذهبي الملائمة للنمط الرسمي الخاص بالأجنحة الرئاسية كما نجد فيها قطع انتيكا. اما غرف الطابقين الثاني والثالث، فموجّهة لرجال الاعمال،اذ يتخللها مكاتب واسعة. اما الطوابق العليا فطابعها «باريسي بحت» وهي ملائمة للاقامات الطويلة. والجدير ذكره، ان مختلف المواد التي استعملت في قصر فرساي موجودة في الغرف، كأرضية خشب الباركيه ورخام البيرينيه الاحمر.
ونحن نتحدث عن الغرف لا بد من الحديث، عن جناح «La Belle Etoile» (لا بيل اتوال) يقع هذا الجناح عند الطابق السابع والاخير ويمتدّ على 275 متراً مربعاً ويتألف من طابقين، اذ تقع غرفتان معه في الطابق السفلي، وللجناح مصعد خاص به. و«La Belle Etoile» يتيح لك الاطلالة على حدائق التويلوري ومتحف اللوفر وبرج ايفل وجادة الشانزيليزيه وصولاً الى قوس النصر.
في البهو تقع «الحديقة الشتوية» تحت سقف مذهّب تتوسطه قبّة زجاجية، والمكان محاط بالمرايا... واجمل ما فيه، شجر النخيل المنتشر في ارجائه، والى جانب الحديقة الشتوية يقع مطعم «Le Meurice»، الذي تظنّ عندما تدخله انك دخلت احدى قاعات قصر فرساي: جدران مزدانة بأعمدة رخامية وزخرفات ذهبية، اما السقف الذي يشعّ بثريات الكريستال، فتتوسطه رسومات محاطة بإطار ذهبي. في هذا المطعم، تحتار بماذا تحدّق، ان باللوحات ام بالارضية المرسومة الاشبه بلوحة فسيفساء. وما يضفي مزيداً من التميّز، المرايا الشاهقة التي تعكس حديقة تويلوري داخله. ولمن يريد اقامة حفل ضمن اطار لا مثيل له. فما عليه الا ان يختار صالون بومبادور «Pompadour»، الصالون المفضّل لـ «لويس الخامس عشر» ديكور هذا الصالون مستوحى من طراز قصر فرساي، بسقفه العالي المشعّ بالزخارف الذهبية والمدافىء الرخامية المنتشرة في ارجائه الرحيبة.