[EMAD321]

المطارات تستقطب المسافرين رقمياً

لم تكتف المطارات بالتعملق وحسب، ولا باضافة المزيد من الخدمات، بل باتت تستثمر في المعلوماتية والتطور الرقمي، فلم تعد أكبر المطارات تشكل كابوسا أو هاجسا للمسافرين جوا بعد اليوم، بل على العكس أصبحت مكانا للمتعة والراحة وحتى الاستجمام، ولو لفترة بسيطة، لكثير من الناس، وهذا بفضل الاستثمارات الهائلة في قطاع الخدمات والمعلوماتية التي بدأت العديد من الدول بادخالها في تلك الموانئ الجوية الكبيرة. من منطلق ذلك لا بد من القاء نظرة خاطفة على أهم تلك الاستثمارات التي حولت تلك المنشآت الى مراكز حقيقية للخدمات،،

ازدحام المطارات بالمسافرين جوا أمر لا يمكن أن ينتهي يوما ما، لكن يمكن أن يتم التعامل معه وجعله أكثر سلاسة من الوضع الحالي. لقد شكلت تكنولوجيا المعلومات والتطور الرقمي وادماجها بالبنية التحتية للمطارات قفزة نوعية هائلة في تاريخ الطيران، بحيث يمكن معها أن تحول تلك المطارات الى مراكز للخدمة والمعلومات في الوقت نفسه. وبات التنافس العالمي في تقديم خدمات وتسهيلات للمسافرين جوا رمزا لنجاح تلك المطارات، حتى أضحت الدول تقاس بمدى تطور ورقي المطار الدولي أو المطارات التي بها، وهذا بالفعل يعد مقياسا دقيقا اذا ما اعتبرنا أن البوابة الرئيسية لدخول أي بلد في العالم هي منافذه الجوية والتي تتمثل هنا بالمطارات.

المعلوماتية
أظهرت دراسة حديثة حول التوجهات الاستثمارية لدى كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال ادارة المطارات وتشغيلها، أنها سوف تنفق 3 مليارات دولار اميركي على تكنولوجيا المعلومات، حيث ستركز تركيزا كبيرا على استقطاب المسافرين، وجاء على رأس القائمة المطارات الآسيوية، لكن بعضها يخشى من تخفيض الميزانيات المخصصة لذلك في ظل المناخ الاقتصادي الحالي. فلقد تربعت على ذلك دوافع استثمارية حثيثة لحيازة رضا العملاء وتحسين مستوى الخدمات المتاحة لهم، كما صرح 80% من شركات تشغيل المطارات العالمية. من جهة أخرى، يبدو أن هنالك بعض المطارات التي عانت أكثر من غيرها من جراء الركود الاقتصادي وتخفيض رحلات الطيران، حيث بينت الدراسات أن نسبة 26% من المطارات ترى أن العقبة الرئيسية أمام تحقيق استراتيجيتها التكنولوجية هي قلة الاستثمارات وتخفيض الميزانيات. ولأن المطارات عادة ما يكون لديها خطط طويلة المدى بالنسبة لبرامجها التقنية واستثماراتها في ذلك، لذا فان معدل الاستثمار في تصاعد رغم الأزمات.

الخدمات الذاتية
تشير الدراسات الأخيرة الى أن المطارات تعمل في بيئة تشهد منافسة ضارية، وأهم وسائل استقطاب مستخدمي المطارات والمحافظة عليهم هي ضمان أعداد كبيرة من المسافرين، لذلك هناك تركيز كبير في الوقت الحالي على جعل رحلة المسافر عبارة عن تجربة على اكبر قدر من الراحة والمتعة، ولن يتحقق ذلك الا باختصار الطوابير وتوفير أحدث ما توصلت اليه التكنولوجيا من أجل الاستفادة من المزايا والامكانات الاضافية في مجال الخدمات الذاتية. وتواصل أكشاك الخدمة الذاتية العامة انتشارها في مطارات العالم، بينما تعددت فوائدها لتتجاوز مجرد التسجيل الذاتي للمسافرين. وهناك 77% من تلك المطارات لديها خطط لزيادة أعداد تلك الأكشاك، وان كان معظمها لأغراض التسجيل، بينما أعلنت 10% من المطارات بأنها تدرس حاليا تطبيق أنواع جديدة من استخدامات الأكشاك، مثل خدمات التحويل، والأمتعة الضائعة، وادارة تأخر الرحلات. وقد أعلنت 49% من تلك المطارات أن الخدمات الذاتية سوف تصبح هي الوسيلة الرئيسية لتسجيل المسافرين في فترة تتراوح بين عامين و خمسة أعوام، و27% فقط صرحت بأنها لن تعتمد على الخدمات الذاتية كوسيلة أساسية لخدمة المسافرين في مناطق التسجيل.

التعامل مع ضياع الحقائب
ترغب المطارات في أن تواجه الطلب المتزايد على خدمات المسافرين من خلال نشر امكانات الخدمة الذاتية، ويشمل ذلك طرح أنظمة تسجيل المسافرين الذاتي والتعامل مع الأمتعة وتسجيلها خارج المطار ومواقع تسليم الحقائب، ومن شان تطبيق ذلك أن يساهم في خفض نسبة فقد الحقائب أو تلفها كما أشار التقرير السنوي الأخير الى أن تلك النسبة قد انخفضت أخيرا من 42.4 مليون حقيبة مفقودة في 2007 الى 32.8 مليون حقيبة مفقودة في 2008، وبحسب شركة «سيتا» العالمية لتزويد المطارات بالحلول المعلوماتية، فبما أن عدد هذه الحقائب المفقودة أو التالفة قد انخفض بحوالي 10 ملايين حقيبة، فان صناعة النقل الجوي قد وفرت حوالي 800 مليون دولار، وأن معظم تلك الحقائب قد أعيدت بالفعل الى أصحابها في غضون 48 ساعة.

تكنولوجيا المعلومات وآفاق لا متناهية
تتيح تكنولوجيا المعلومات في المطارات تطبيقات عديدة ومتنوعة، ومثال على ذلك البيئة، حيث يتم عبرها الحد من الضوضاء وتنقية الهواء وتحسين استهلاك الطاقة واستخدام الموارد بصورة أكثر كفاءة، وقد بدأ 64% من المطارات بالفعل في تطبيق تلك الأنظمة، بما بات يعرف بالمطارات الخضراء أو GREEN AIRPORTS. أما من الناحية الأمنية، فان تطبيق أنظمة أمنية رقمية تعتمد على المعلوماتية قد بدأ يأخذ جدية قصوى حيث أصبح مطار أبو ظبي من أوائل المطارات الدولية في العالم الذي يطبق ما يعرف «ببصمة الوجه»، والتي تعتمد على تصوير التركيب العظمي للوجه وتجويف العين والمسافة بين العينين وشكل الأنف. وهذه التقنية تعرف بالأبعاد الحيوية. في حين يعتبر مطار ميونخ أرقى المطارات العالمية، حيث يعتبر الأسرع بين المطارات الأوروبية في انتقال الركاب بين الرحلات الجوية في أقل من 30 دقيقة وهي مدة قياسية، وهذا بفضل التجهيزات الرقمية المتطورة التي زود بها، منها على سبيل المثال احتواؤه على أكثر من 300 لوحة عرض للمعلومات تنتشر في جميع أرجاء المطار لاعلام المسافرين بأدق التفاصيل عن رحلات الترانزيت التالية، ومحليا يعتبر مبنى الركاب الثالث بمطار دبي أحد أحدث ما توصلت اليه تكنولوجيا المعلومات والخدمات في المنطقة وعالميا، وهو مزود بالعديد من التسهيلات والأنظمة التي طورت حديثا لخدمات الركاب.

كيف ستبدو مطارات المستقبل ؟
سؤال قد يتبادر الى الذهن.. كيف سيكون شكل وتصميم مطارات المستقبل؟.. ويجيب عن هذا السؤال المهندس المعماري في شركة بريطانية لتصميم المطارات وحلول ادارتها، وهو غرايم جونز: بان مطارت المستقبل ستستمر في التوسع أمنيا وتجاريا. ويقول جونز: أن هناك خطوة نحو مزيد من التصاميم الرائدة، كتطبيق أفكار جديدة بدلا من الحفاظ على الصيغة القديمة، كما أن أحد أكبر التحديات هو تحقيق التوازن بين التصاميم الحديثة التجارية وامكانية تنفيذها أمنيا. وأضاف: المطارات في المستقبل ستشمل أفضل مجموعة من المتاجر التي تحوي السلع التي لم تكن موجودة في المطارات من قبل. ومن الأفكار المطروحة أيضا في المطارات المستقبلية ادخال نظام مراقبة ذكي وافتراضي بحيث يمكن المسافر من تسجيل أمتعته ودخوله عن بعد باستخدام الهاتف النقال، أو عن طريق رقاقة تعمل بتقنية الموجات اللاسلكية المحددة للهوية.

المادة من الأخ : على محمد الهاشم