ازدحام الأجواء يُنهك أنظمة المراقبة الأميركية
يقول الخبراء الحكوميون إن الأجواء الأميركية سوف تحتشد بحلول العام 2025 بعدد من الطائرات سيصل إلى ثلاثة أضعافه الآن ليس فقط بأنواع الطائرات التي تحلق حالياً وإنما بالآلاف من الطائرات الصغيرة التي تحمل ستة أشخاص أو أقل على نفس مسارات طائرات الخطوط الجوية ناهيك عن أعداد متزايدة من الصواريخ التي تحمل الأقمار الاصطناعية والسياح الى الفضاء· ومن أجل المحافظة على سلامة المسافرين وجداول مواعيدهم فإن إدارة الطيران الفيدرالية سوف يتعين عليها استبدال التكنولوجيا التي عفا عليها الزمن والتي ظلت تعمل بها طوال نصف قرن من الزمان بنظام جديد للمراقبة والسيطرة على حركة المرور الجوية·
إلا أن كل شيء يختص بالنظام المقترح ما زال في طور الدراسة ولم يتم الاستقرار عليه بعد ابتداءً من تفاصيل التكنولوجيا الرقمية المستخدمة مروراً بالقيادة والتمويل ونشر الشبكة الحديثة للطيران المدني·
وكما ورد في صحيفة ''هيرالد تريبيون'' فإن هناك العديد من الأسئلة التي برزت بهذا الشأن والمتعلقة بنوع التكنولوجيا التي سيتم إنتاجها والكيفية التي ستدفع بها شركات الخطوط الجوية والحكومية الأميركية حصصها في المشروع في الوقت الذي يعاني فيه صندوق تمويل الطيران من أسوأ تدني في موارده المالية منذ عقود طويلة· كذلك هناك تساؤلات بشأن الكيفية التي ستعمد بها الحكومة إلى توظيف وتدريب جميع مراقبي الحركة الجوية الذين تحتاجهم بالإضافة إلى الكيفية التي ستتعاون بها وتنسق أعمالها مع وكالة ناسا والبنتاجون والجهات والوكالات الأخرى المتعلقة بالمشروع· وكما يقول روجر كوهين رئيس اتحاد شركات الطيران الإقليمي، احد المجموعات العديدة التي تولي اهتماماً خاصاً بعالم الطيران الذي يعاني من الازدحام والاضطراب: ''من المؤكد ان هناك اتفاقا عام على ضرورة وجود نوع من التكنولوجيا التي تساعد في حل المشكلة الا ان هناك عدم اتفاق حتى الآن في مجتمع الطيران على الكيفية التي سيتم بها الانفاق على النظام ولا على العديد من التفاصيل الأخرى''· بيد ان عملية الاصلاح باتت حتمية وضرورية ففي احدى عمليات التشبيه "Simulation" التي تم اجراؤها مؤخراً عمدت وكالة الطيران الى زيادة حركة المرور الجوية بحوالي 25 في المئة فقط، وهو المستوى الذي تتوقع الوكالة أن تبلغه الحركة بعد نحو عقد من الزمان، إلى أن شعر المراقبون الجويون بالإرهاق· ويقدر ماريون بلاكلي المدير في الوكالة ان التأخيرات الناجمة عن حركة المرور الجوي سوف تزيد بنسبة 62 في المئة في عام 2014 عما كانت عليه في العام ·2004
وكما يشير المسؤولون لن تشكل مسألة السلامة معضلة لأن المديرين سوف يعمدون إلى تخفيض مستويات الحركة المرورية الى الحد الذي يمكنهم التعامل معها عبر الاحتفاظ بالطائرات رابضة على الأرض· لذا فإن الحل بتحريك المزيد من الطائرات بدون خلق مشاكل تتعلق بالسلامة سوف يقع على عاتق القوة الكمبيوترية الجديدة وبالتالي على ما يمكن استحداثه من أنظمة التتبع والملاحة الجديدة بهدف استبدال تكنولوجيا الرادارات الحالية التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية بمساعدات رقمية جديدة تختص بالملاحة الجوية·
يذكر أن السلطات الجوية تتتبع الطائرات الآن أثناء ارتحالها عبر استخدام رادار يبعث بالإشارات من على جسم الطائرة المعدني وفي داخل أجهزة الطائرات الأخرى بحيث تكشف عن البيانات التي توضح هوية الطائرة والارتفاع الذي تحلق فيه· وكذلك فبإمكان القباطنة في بعض الاحيان الملاحة بواسطة الإشارات الصادرة من شبكة الراديو الخاصة بوكالة الطيران المدني الموجودة على الأرض·
وسوف يصبح بإمكان النظام الجديد تجاهل جميع هذه الخطوات وان يستغل تكنولوجيا تحديد المواقع الجغرافية الذي يعتمد على الأقمار الاصطناعية التي يجري استخدامها بشكل متسع في خارج مجال الطيران الآن· ويسمح النظام لكل طائرة بالتأكد من موقعها بدقة متناهية قبل ارسال المعلومات الى جميع الطائرات والسلطات الأخرى المتعلقة عبر الشبكة الكمبيوترية· وفي نهاية المطاف فإن الطائرات سوف تحمل اجهزة كمبيوترية تعمل بشكل أوتوماتيكي على التحول وتفادي مسارات الطيران المزدحمة بشكل يساعد على الاحتفاظ بالسلامة وتوفير الأموال· وقد أطلق على الحل المقترح اسم ''الجيل القادم لنظام الحركة المرورية الجوية''·
كما أن الوكالة سوف تصدر قريبا الجدول الزمني الخاص بالمشروع· وسوف تتمثل أول خطوة في استبدال برنامج المعلومات الذي يعود الى عقود ماضية وعدم تشغيل اجهزة كمبيوترية تصبح عديمة الجدوى من الناحية الفنية بعد سنوات قليلة من الآن وبخاصة عندما تتوقف شركة ''آي بي إم'' من توفير الدعم الفني وقطع الغيار في عقودها الحالية· والآن فإن وكالة الطيران الفيدرالية تنفق مبلغ مليون دولار يومياً على شراء أجهزة الكمبيوتر وبرامج المعلومات الجديدة لتشغيل النظام الجديد الذي من المتوقع ان تصل تكلفته الإجمالية الى 2,1 مليار دولار· واشار مسؤولون في إدارة الطيران الفيدرالي الى ان عملية استبدال الكمبيوترات تمضي حسب الموعد والميزانية المحددة على خلاف ما كان يحدث في عمليات اصلاح وصيانة أجهزة الكمبيوتر في السابق الا انه سوف يتعين على شركات الخطوط الجوية ايضاً انفاق عشرات الآلاف من الدولارات حتى تتمكن من مواكبة النظام·