المجموعات الإجتماعية |
البحث |
مشاركات اليوم |
الملتقى الإســلامـي كل ما يتعلق بأمور الدين الحنيف ... خاص بأهل السنة والجماعة فقط |
إضافة رد |
|
أدوات الموضوع |
مشاركة [ 1 ] | |||
|
|||
درجة الضيافة
|
[frame="11 10"]
خرج صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات يوم وهم يتحدثون عن أنبياء الله السابقين ، وكان أصحابه ملهمين ، فما تحدثوا به هو الحقيقة التي اختارها الله ونزلت في كتابه المبين فقال بعضهم {عَجَباً إنَّ الله عز وجل اتّخَذَ مِنْ خَلْقِهِ خَلِيلاً اتَّخَذَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ خَليِلاً وَقالَ آخَرُ: مَاذَا بِأَعْجَبَ مِنْ كَلاَمِ مُوسَى كَلَّمَهُ تَكْلِيما وقَالَ آخَرُ: فَعِيسَى كَلِمَة الله وُروحُهُ. وَقالَ آخَرُ: آدَمُ اصْطَفَاهُ الله - فسمع الحبيب وهو في داره هذا الحوار فانشرح صدره وارتاح فؤاده لأنه علم أنهم يستكنهون الغيوب ويستلهمون العلوم من حضرة علام الغيوب عزَّ وجلَّ وهذا هو المطلوب فخرج عليهم فَسَلَّمَ وقال صلى الله عليه وسلم : وَقالَ: «قَدْ سَمِعْتُ كَلاَمَكُمْ وَعَجَبَكُمْ. إنَّ إِبْرَاهِيمَ خَليلُ الله وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمُوسَى نَجِيُّ الله وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِيسَى رُوحُ الله وَكَلِمتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وآدَمُ اصْطَفَاهُ الله وَهُوَ كَذَلِكَ، أَلاَ وَأَنَا حَبِيبُ الله وَلاَ فَخْرَ}[1] فمقام المحبوبية أغلى ما نحرص عليه ، وأثمن ما نقدم كل غالٍ وكل ضنين في سبيله ، لأننا نتمنى جميعاً أن نفوز بمحبة الله حتى نكون من أهل وراثة حبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلم ومن فضل الله علينا ومن كرم الله لنا أجمعين أن الله فتح لنا أبواباً لا عد لها ، كل باب منها إذا دخله الإنسان وصدق فيه يكون نصيبه أن يحبه الله والذي يريد أن يحبه الله ، ماذا يفعل؟ هناك أبواب كثيرة لذلك ، لكن الباب الأعظم والذي عليه المدار والذي هو أُسّ حياة الصالحين والأخيار والأبرار فلا يستغني عنه واصل ولا يستطيع أن يتركه عارف أو متمكن ، هذا الباب يقول فيه الكريم الوهاب عز وجل {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222 هذا هو الباب : أن يكون من التوابين أو من المتطهرين لأنه كلام الله وقد بدأ الله كلامه بـ "إن" للتأكيد وإن كان كلام الله كما نعلم جميعاً هو كلام أكيد لأنه كلام الحميد المجيد عز وجل " التوابين والمتطهرين" ومن لطف الله بنا وإكرامه لنا أنه لم يقل أن الله يحب التائبين لأن كلمة التائبين تعني أن التوبة مرة واحدة ويُغلق الباب ، لكن " التوابين" بصيغة المبالغة معناها أن باب التوبة مفتوح فكلما أذنب العبد ورجع إلى الله وجد الله فرحاً به ويخلع عليه ثياب محبته ، المهم أن يدّثر دائماً بلباس التوبة ، والظالم لنفسه هو الذي يظن أنه تجاوز مقام التوبة ولم يعد له نصيب في التوبة فيشتغل بأمر آخر ولا يرجع للتوبة ، والتوبة لا تفارق أي مقام ولا أي درجة ومنزلة لأن الحبيب الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقول فيها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَغْفِرُوا الله وَتُوبُوا إِلَيْهِ ، فَإني أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ}[2] وأرجو أن يلفت إخواني أنظارهم إلى هذا الحديث ويفهموه بعقل حثيث ، فإن أغلب الخلق فهموا من الحديث أن يستغفر الله في اليوم مائة مرة ، والحديث لم يشر إلى ذلك فقط ماذا قال حبيبي وقرة عيني صلى الله عليه وسلم؟ اسمعوا وعوا : أيها الناس توبوا إلى الله – وهذا شق- واستغفروه – وهذا شق آخر- ثم بين فعله وحاله فقال : فإني أتوب إلى الله – وهذا شق- وأستغفره في اليوم مائة مرة ، فالتوبة غير الاستغفار ، لأن الاستغفار عمل من أعمال الجوارح أو من أعمال القلب يتوجه به العبد إلى مولاه ، يستغفر الله وله بكل استغفار عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف ويزيد الله لمن يشاء ، لكن التوبة لها أركانها ولها أحوالها ولها جمالاتها التي يجب على التائب أن يتجمل بها ليحبه الله ، فإن الله لم يقل إن الله يحب المستغفرين وإنما قال {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222 صحيح أن التوبة في كل مقام من مقامات السير والسلوك إلى حضرة الله لها معناها ولها أحوالها ولها متعلقاتها لكنها توبة ، فمن الناس من يتوب من سيئاته ، ومن الناس من يتوب من طاعاته ، ومنهم من يتوب من غفلاته ، ومنهم من يتوب من وجوده ، ومنهم من يتوب من شهوده ، أحوال عالية ومقامات راقية ، والتوبة لا تفارق كمل العارفين طرفة عين ولا أقل ، حتى المقام الأعظم الذي فيه الحبيب الأكرم يبين سر هذه التوبة التي يتوبها فيقول صلى الله عليه وسلم في مقامه {إنَّهُ لَـيُغَانُ علـى قَلْبِـي، وإنِّـي لأَسْتَغْفِرُ الله فـي الـيومِ مِائَةَ مَرَّةٍ }[3] وهذا حديث آخر غير الحديث الأول يبين لماذا يتوب ، إني ليغان على قلبي فاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة: أحد الصالحين قال: تحيرت في هذا الحديث وقلت في نفسي وما الغين الذي يغان به على قلب رسول الله؟ وكلمة الغين يعني الغطاء ، فنحن قد يغطي على قلوبنا الشهوات أو الحظوظ والأهواء أو الأوزار فقد بين الحبيب حالنا وقال في شأننا {إِنَّ الـمؤمنَ إِذَا أَذْنَبَ ذنباً كانتْ نُكْتةً سوداءَ فـي قَلْبِهِ ، فَإِنْ تابَ ونَزَعَ واسْتَغْفَرَ صُقِلَ مِنْهَا قَلْبُهُ ، فَإِنْ عادَ زَادَتْ حَتَّـى يَعْلَقَ بِهَا قَلْبُهُ ، فذلكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ الله فـي كِتَابِهِ }[4] يعني الغطاء ، ثم تلى قول الله {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ{14} كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ{15} المطففين فالران أو الغطاء الذي على قلوبنا سببه الذنوب كلما أذنب العبد ذنباً كان نكتة سوداء على قلبه ، ونكتة مع نكتة مع نكتة يكون الران أو الغطاء فيحجب العبد عن أنوار ذي الجلال والإكرام ، فيكون في الغفلة أو في وادي التيه أو في أرض القطيعة أو في مهاوي العصيان ، المهم أنه يكون في بعد عن حضرة الرحمن ، لأن الوصلة التي بينه وبين مولاه غطاها بالذنوب التي ارتكبتها نفسه ولم يتب منها إلى حضرة الله في هذه الحياة ، لكن رسول الله ليس له ذنوب والله هو الذي شهد بذلك وقال في كلامه المكتوب {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الفتح2 فاحتار الرجل الصالح ما الذي سيتوب منه رسول الله؟ فالصغار يتوبون من الذنوب ، ومن تاب وأناب وسلك طريق الأوبة إلى حضرة التواب وأخذ يتعبد ويتقرب بالنوافل لمولاه ، قد يتوب من تقصيره في الطاعات ، فلا يوجد من يستطيع أن يعبد الله حق عبادته حتى الملائكة الذين خلقهم الله فمنهم الراكع أبدا ومنهم الساجد أبدا ومنهم الذاكر سرمداً ، يقوم الساجدون يوم القيامة من سجدة واحدة منذ أن خلقهم الله وهم سجود فيها ، فيقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ، فمن منا يا إخواني من يعبد الله حق عبادته؟ إذا فهو يتوب من التقصير كحال أصحاب البشير النذير صلى الله عليه وسلم كما أخبر الله عنهم وقال في شأنهم {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ{17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{18} الذاريات يستغفرون من رؤية التقصير في الطاعات لأنهم رأوا أنفسهم لا يستطيعون الإخلاص كل الإخلاص ولا الصدق كل الصدق ولا التوجه بالكلية بحضور الأرواح والقلوب والأجسام والهمم كلها في مناجاة رب البرية عند طاعته وعبادته عز وجل ومن يستطيع ذلك أحد الصالحين وقع في ذنب فخرج سائحاً في صحراء المقطم وهو يردد ويقول : من ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط فسمع قائلاً يقول: محمد الهادي الذي ... عليه جبريل قد هبط فلا يوجد غيره صلى الله عليه وسلم لكن الباقين كلهم ذنوب وعيوب وظلمات وأوزار {1} سنن الترمذى ، عن ابن عباس .وتمامه (وأنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ الله لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ المُؤْمِنِينَ وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ وَلاَ فَخْرَ ) {2} جامع الأحاديث و المراسيل ، عن أَبي بردةَ عن الأَغر {3} سنن البيهقى الكبرى عن الأَغَرِّ الـمُزَنِـيِّ ورواه مسلـم فـي الصحيح عن يحيـى بن يحيـى وأبـي الربـيع الزهرانـي {4} صحيح ابن حبان عن أبي هريرة |
||
مشاركة [ 2 ] | |||
|
|||
درجة الضيافة
|
[frame="6 10"]
صلاة الله مطلوبي على المختار محبوبي أقصر طريق يوصل الإنسان إلى معية النبي العدنان ، هو الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، والسابقون أجمعون ، وهم الأدلاء والمرشدون الذين هيأهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذوا بيد السالكين ، ويوصلوهم إلى محطة الأمان ، وإلى جودى الفضل على شاطئ سيد الأولين والآخرين ، أجمعوا على أنه ليس هناك طريق على التحقيق ، للدخول في معية النبي صلى الله عليه وسلم ، أقصر من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم ، وهذه المعية شاملة من {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الأحزاب56 فالله والملائكة ، من فينا لا يريد أن يكون في معيَّة الله ، وفي معيّة ملائكته عليهم السلام أجمعين؟ ومعيَّة الله تعني المعيَّة الجامعة ، ولم يقل معيَّة الودود ، أو معيَّة اللطيف ، أو معيَّة الرحيم ، لكن معيَّة الله تعني المعيَّة الجامعة لكل كمالات وجمالات ، لأن اسم الله ؛ هو الاسم الجامع لجميع الكمالات والجمالات الإلهية {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ} لم يقل " صلوا " ، بل قال { يُصَلُّونَ} بل دائماً يصلون كيف؟ هذا شئ ليس لنا شأن به { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} كم مرة؟ لم يحدد عندما ذهب الصحابي الجليل سيدنا أبي بن كعب لما نزلت هذه الآية إلى رسول الله وقال له {يَا رَسُولَ الله إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فقَالَ «مَا شِئْتَ » قال: قُلْت الرُّبُعَ؟ قَالَ «مَا شِئْتَ. فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ فَالنِّصْفَ؟ قَالَ «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ» قال: قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ » قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلّهَا؟ قَالَ: «إِذَا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»} - وفى رواية {إذاً يَكْفِكَ اللهُ مَا أهَمَّكَ فِي أَمْرِ دُنْيَاكَ وَآَخِرَتَكَ وَيَغْفِرُ لَكَ كَلَّ ذَنْبِكَ}[1] حديث يفسر الآخر ، أي لو شئت جعلت كل وقتك للصلاة عليه بعد الفرائض المكتوبة ، يقول : يكفيك الله همك ويغفر لك ذنبك ، أما كيف يصلي الله؟ وكيف تصلي الملائكة؟ ليس لك شأن بهذا {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الأحزاب56 سلم الأمر إليه ، وليس لك شأن أنت ، وأنت عندما تصلي عليه ، هل تعرف كيفية الصلاة عليه؟ قالوا : يا رسول الله أما السلام عليه فقد علمناه ، ولكن كيف نصلي عليك ؟ فسكت ، حتى قالوا : وددنا لو أننا لم نسأله ! ، ثم قال: قولوا:" اللهم صلِّ " ، لأنك لا تعرف أن تصلي ، فماذا أفعل؟ ، اعمل توكيل لله ، وهو يصلي ، قل : اللهم صلِّ ، كيف؟ ليس لك شأن ، أنت عليك أن تقول : اللهم صلَّ ، وهو يصلي بما شاء وكيف شاء عز وجل يعني أنني لا أصلي ، بل أطلب من الله أن يصلي {اللهم} يعني {يا الله} صلِّ على سيدنا محمد ، كيف تشاء وبما تشاء لأن هذا أمر غيبي لا يعلمه إلا هو {وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} كأنني عندما أصلي على النبي الآن ، لا تصبح صلاة فقط ، بل صلاة وذكر لله ، لأني قبل أن أصلي : أقول {اللهم} وهذا ذكر ، ثم ماذا؟ " صلِّ " ، فأصبحت ذكر الله وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصبحت الدليل العملي على حبي لهذا النبي ، قال صلى الله عليه وسلم {مَنْ أَحَبَّ شَيْئاً أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ}[2] ولذلك لما ذهب رجل إلى السيدة رابعة العدوية رضي الله عنها وأرضاها ، وظل يتكلم عن الدنيا ، ويطيل فيها فقالت رضي الله عنها وأرضاها {لولا أنك تحب الدنيا لما ذكرتها ، قال لها: لماذا؟ قالت : لأن من أحب شيئاً ؛ أكثر من ذكره} وأنا أحب النبي ، ما الدليل؟ أنني مشغول دائماً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أن الصالحين قالوا : الذي يروى أرواح السالكين والمريدين ، والذي يغذيها ، ويرقيها ، وينميها ، ويصفيها ، ويزكيها ، حتى ترتفع الحجب عنها ، وترى نور سيد الأولين والآخرين هو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بدوام الإنسان عليها وماذا عليك وأنت تسير في الطريق ، أن تصلى على النبي؟ أو وأنا راكب ، أو وأنا في العمل ، بدلاً من السكوت أسير وأنا أصلي على النبي ، ماذا علي في هذا الأمر؟ أفيه تعب؟ أسأدفع شيئاً؟ أو لساني سيملُّ؟ أو يكل؟ أو يحتاج إلى فيتامينات؟ حتى يقوى ويتكلم كثيراً؟ أبداً بل بالعكس ، فاللسان عندما ينشغل بذكر الله ، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يصبح خفيفاً ولطيفاً ، ولا يحس بتعب أبداً ، حتى أن الإنسان يصل لمرحلة أنه بكل حقائقه يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم كيف هذا؟ أولاً : هو يصلى عليه بلسانه ، بعد فترة يزيد الحب ، فيحاول استحضار معانيه ، ويحاول استحضار صفاته ، ويحاول أن يتذكر جميل نعوته ، ويحاول أن يعرض على الله فقره وذله واغترابه ، ليبين له الله ذرة من كمالاته المحمدية ، أو يعرض عليه مشهداً من جمالاته الأحمدية ، أو يقيمه في مواجهة معه صلوات الله وسلامه عليه ، ينال بها السعادة الأبدية كل هذه الأشياء تجعله بعد فترة لسانه يذكر ، وقلبه يستحضر المعاني المحمدية ، معاني هذه الحضرة ، وصفات هذا الجميل صلوات الله وسلامه عليه ، وعندما ينشغل بهذه الصفات ، وهذه الجمالات ، يكرمه الله برؤيته صلوات الله وسلامه عليه مناماً ، فإذا أكرم برؤيته صلوات الله وسلامه عليه مناماً ، تعلق به أكثر فيدعوه هذا إلى التشبه بأخلاقه ، وإلى كمال التأسى بكمالاته وجمالاته صلوات الله وسلامه عليه ، حتى يصير في حاله وسلوكه وفي خلقه وفي هديه وفي سمته نسخة مصغرة جداً جداً جداً ، من الحضرة المحمدية ، يعني في كرمه وفي لطفه وفي أنسه وفي بره وفي وداده وفي صفاته وفي جماله وفي بهائه ، يصبح صورة مصغرة جداً جداً من الحضرة وهنا يحدث التشابه بينه وبينه ، ويفاض عليه من سر هذه المشابهة ، ما لا يستطيع أن يذكره أحد من الأنوار المحمدية ، والعلوم الوهبية ، والأسرار النورانية ، وغيرها من أصناف المواهب التي تفاض من قلبه صلوات الله وسلامه عليه ، على كمل العارفين ، من أجل هذا ، نجد العارفين مشغولين بحضرة النبي : لماذا لا ينشغلوا بالله مباشرة كما يقول الناس في هذه الأيام؟ لأنهم يشاهدون أن شغلهم بالنبي ، هو شغلهم بالله ، لكن على المنهج الذي وضعه الله وكيف؟ كل الذي يريدونه أن ينالوا رضا الله، فالذي يريد رضا الله قال سبحانه له {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21 {1} رواه الطبراني بإسناد حسن {2} رواه أبو نعيم والديلمي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً |
||
مشاركة [ 3 ] | |||
|
|||
درجة الضيافة
|
[frame="3 10"]
الذي يريد أن ينال المرتبة ال******* ؛ لابد أن يركب الصعب ، ويتحمل المكابدة والمجاهدة في الله ، والمجاهدة في هذا المقام تكون للمشاهدة ، وليس للأجر والثواب ، فيتفضل عليه الله وينزله في منازل النبيين والمرسلين ، ويوضع في قائمة من القوائم التي جمعت لسيد الأولين والآخرين لماذا جمعهم له ربنا؟ حتى يعرفنا أن كل مقاماتهم وكل درجاتهم وكل منازلهم وأممهم جمعت في قبضته صلوات الله وسلامه عليه هو بعد ذلك وقبل ذلك كما قال عن ذلك {إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وفى رواية: اللَّهُ المُعْطِي وَأَنَا القَاسِمٌ}[1] {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء} لماذا هؤلاء وهؤلاء ؟ هؤلاء الأولى للسابقين ، والثانية للاحقين ، لأن هؤلاء رعيته ، وهؤلاء رعيته {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ} وهذا العطاء صعب؟ قال : لا.{وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً}الإسراء20 غير محظور أبداً ، وماذا ثمنه؟ ، قالوا : بيعوا النفوس لربكم وتقربوا بنفيسكم من غير ما تمويه فالموضوع سهل جداً ، فجمعهم له ، حتى يعرِّفنا أن الكلَّ عنده ، كلَّ كشوف المقامات ، والترقيات ، والدرجات ، من أين؟ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى الكشوف التي كتبت قبل ذلك؟ ظلت موجودة ، حتى صدَّق عليها هو {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} المائدة46 ماذا تعني بين يديه؟ تعنى الذين جاءوا قبله ، فهو الذي صدَّق عليهم ، فجاءوا حتى يصدِّق على الكشوف السابقة ، واعتمدت الدرجات في هذه ليلة الإسراء والمعراج ، وحتى يعرِّفنا أن الذي سينزل في هذه المنازل ، وكل ولىِّ على قدم رسول أو نبىِّ , من الذي سينزلهم؟ ، الذي أنزل الأولين ، هو الذي سينزل الآخرين ، وهو سيِّد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه : أبوهم أنت ياسر الوجود ولا فخر وسرهم قبل المعاينة صفوا وراءك إذ أنت الإمام لهم قد بايعواعلى صدق المتابعة فكان الاعتماد كله ، حفل توقيع النسخ المعتمدة الذي كان في بيت المقدس ، حفل توثيق الدرجات والمقامات التي نالوها من الله ، كان هذا الحفل المنشود الذي حضره سيِّد الوجود صلوات الله وسلامه عليه ، وبعد هذا ثبتت الأحوال ، وأصبح من يريد منازل الرجال ، هذا هو الطريق المفتوح أنت باب الله أي امرئ أتاه من غيرك لا يدخل فلا توجد سكة غير هذه , فالدرجات هذه ، كلها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو والحمد لله ، هنانا جميعاً ، وجمَّلنا جميعاً بمراتب خصوصيَّة ، وأسرار ذاتيَّة ، ومقومات روحانيَّة ، والحمد لله كلكم تلبسونها ، لكن من الفضل أنهم ستروها عنكم ، لماذا ؟ حفظاً للقلوب ، حتى لا تقع في الذنوب والعيوب ، فتحرم من هذا الوهب الذي ألبسه لها حبيب الله صلوات الله وسلامه عليه ، لأنه من طبيعة الإنسان إذا عرف من هو ، من الممكن أن يغتر ، وممكن أن يعجب ، وممكن أن يكسل أو يتراخى ، فمن أجل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر عن أهل الخصوصية خصوصيتهم ، ولم يكشف لهم عن مزيتهم ، ما دامت بشريتهم موجودة ، متى يكشف لك الخصوصية؟ إذا استطعت وأنت في الدنيا ، أن تنسلخ من البشرية ، سترى مالك عند الله ، لكن في هذه الحالة ستكون قد مت ، والذي مات بماذا يفتخر؟ أو بماذا يزهو؟ أو بماذا يغتر؟ انتهت ، وقد دخلت في قول الله {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} الأنعام122 فهذا ستر من الله ، فلا تطلب المنازل الدنيا ، وأنت في المنازل العلوية ، وأعلم علم اليقين أن المنازل العالية كما بينها إسراء الحبيب ، لا تنال إلا بفضل من الله ، وبكرم من الله ، وبمحض العطاء من حضرة الجود الإلهي ، فإن أهل المجاهدات وقفوا عند البيت المعمور ، أما أهل المحبة فقد تدلى لكل منهم رفرف العناية ، يعني تدلى له فضل الله ، ونزل له كرم الله ، وأحاطه من كل جوانبه ، ليدخل في قول الله {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} البقرة105 لأنه لم ير لنفسه عملاً ولا جهاداً ، ولم ير لنفسه شيئا البتَّة ، بل رأى الأمور كلها من الله ، وبالله ، وإلى الله ، فحباه الله بفضله ، ورقَّاه ، وأدناه ، وأعطاه ، وهذا باب الأفراد ، أما أهل المنازل التي ذكرناها ، فلا زال في نفوسهم وجودٌ ، ولا تزال بقية من النفس موجودة ، ولذلك تجد أن الحديث يذكر يوم القيامة ، ويذهب الشفعاء فكل واحد منهم سيبيِّن بقية من نفسه ، يقول : لست صاحب هذا المقام ، لماذا؟ ، كانت نفسي موجودة في المكان الفلاني ، أليس كذلك؟ عملت كذا من نفسي ، إذاً من الذي ليس له نفس؟ ولا شئ أبداً ؟ هو واحد ، ويوجد واحد أيضاً نفسه لم تكن موجودة ، لكن لم يكن المقام الأكمل من هو؟ سيدنا عيسى لكن ليس هذا الأكمل ، لكن الأكمل الذي أدى كل ما عليه ، حتى للجمادات ، حتى للطيور ، حتى للحشرات ، حتى للحيوانات المتوحشات ، لم يترك أمراً في الدنيا إلا ووضع أساسه ، لم يخرج من الدنيا إلا وقد أرسى جميع الأسس ، جاء بالجنِّ وقال لهم : هذه حدودكم {تَسْكُنُونَ البِحَارَ ، وَ القِفَارَ ، وَ الدُّورَ الْمَهْجُورَة ، وَتأكُلُونَ العِظَامَ ، وَ الرَّوَثَ ، وَفَقَطْ}[2] ثم بعد ذلك جاء بالذئاب ، فقد كان جالساً هو وأصحابه ، وإذا بالذئاب مقبلون عليه ، فقال لهم {وَهَذَا وَفْدُ الذِّئَابِ جَاءَ إليْكُمْ - أنا أرسلت إليهم فحضروا ، ما هو رأيكم ؟ - إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَقْسِمُوا لَهَا مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَا يُصْلِحُهَا أَوْ تُخَلُّوهَا فَتُغِيرُ عَلَيْكُمْ – و فى رواية : إن شِئْتُمْ أَضَفْتُمُوهُمْ وَلَمْ يُؤْذوكُمْ ، قالوا : وكيف نضيفهم يا رسول الله؟ قَالَ : تَـذْبَحُونَ لَهُمْ فَيَطْعَمُون ، قالوا يا رسول ، نـذبح لهم من أنفسنا ويأكلون ونحن ننظر إليهم؟ قال: نَعَمْ ، قالوا: لا نرضى بذلك ، فَأَوَمَأ إلىَ الذِّئَابِ أنْ اخْتَلِسُوا مِنْهُم}[3] أي خذوا سرقة ، فوضع الحد ، حتى وضع الحدود القاطعة فقال للذئاب {إذا رَأيْتُمُوهُم أصْلَحَوا مَا بَيْنَهُم وَبَيْنَ اللهِ ، فَإياكُمْ أنْ تَعْدُوا عَلَيْهِمْ أُتْرُكُوهُمْ ، وَإذَا رَأيْتُمُوهُم تَرَكُوا حُدَودَ اللهِ ؛ فَافْعَلُوا فِيهِم مَا شِئُْمْ} فالذين كانوا عند النبي – من وفد الذئاب - حضروا هذه البيعة ، فكيف وصل هذا الكلام إلى من كانوا في عصر سيدنا عمر بن عبد العزيز؟ ونفَّذوه ، كيف؟ فعندما رأى الرعاة أن الذئاب تعدو على غنمهم ، عرفوا أن الرجل {عمر بن عبد العزيز} قد مات ، كيف عرفوا؟[4] لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتمَّ أساس كل شئ قبل مغادرته الحياة الدنيا ، أعطى لكل حقيقة أمرها الذي حدده المولى ، وهذا موضوع لا نستطيع أن نفصله ، لأنه لا تتحمله العقول ، كيف ألهم كل سماء بما فيها بأمرها؟ وأوحى في كل سماء أمرها ، وكيف أودع في كل حقيقة ما يطلبه المولى منها؟ ولها؟ وكيف بين لكل حقيقة في الأكوان الطريقة الصحيحة التي تتعبد بها لله؟ سر قوله سبحانه {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الإسراء44 {1} رواه البخارى عن معاوية رضي الله عنه {2} رواه أبو نعيم عن ابن مسعود والزبير بن العوام وأبو هريرة {3} رواه البيهقي وأبو نعيم عن حمزة بن أسيد ، والدرامي وابن منيع في مسنده، وأبو نعيم عن طريق شمر بن عطية {4}الطبقات الكبرى لابن سعد ، وعمدة القرى لبدر الدين العينى ، وفى تاريخ دمشق لإبن عساكر |
||